الحمد لله رب العلمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد
إن من الأمور التي يختص بها المسلمون صلة الرحم التي تكاد تكون منعدمة عند
غيرهم من أصحاب الأديان الأخرى فانظروا مثلا إلى الغرب المسيحي وهل هناك
أي تشريع يأمر بصلة الأرحام غير ديننا الحنيف ونظرا لعظم هذا الأمر حيث
تضافرت آيات القرءان والأحاديث النبوية على الحث على صلة الأرحام فمن منا
لا يحب أن يبسط له في رزقه ويؤخر له في أجله وعمره كما روي عن أَنسٍ رضي
اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: "مَنْ
أَحبَّ أَنْ يُبْسَطَ له في رِزقِهِ، ويُنْسأَ لَهُ في أَثرِهِ، فَلْيصِلْ
رحِمهُ" متفقٌ عليه.
ويقول الله عز وجل في سورة النساء {وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحام
وعن أبي هريرة رضي اللَّه عنه أَن رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم قال: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيوْمِ الآخِرِ،
فَلْيُكْرِمْ ضَيْفَهُ، وَمَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيوم الآخِر،
فَلْيصلْ رَحِمَهُ، وَمَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّه وَالْيوْمِ الآخِرِ،
فلْيقُلْ خيراً أَوْ لِيَصمُتْ" متفقٌ عليه
كما جاء الوعيد والتخويف من إضاعة هذا الحق وقطع صلة الرحم في عدة أحاديث منها:
ما روي عن ابي هريرة انه قال: قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ
وسَلَّم: "إِنَّ اللَّه تَعَالى خَلَقَ الخَلْقَ حَتَّى إِذَا فَرَغَ
مِنْهُمْ قَامَتِ الرَّحِمُ، فَقَالَتْ:هذا مُقَامُ الْعَائِذِ بِكَ مِنَ
الْقَطِيعةِ، قال:نَعَمْ أَمَا تَرْضينَ أَنْ أَصِلَ مَنْ وَصَلَكِ،
وَأَقْطَعَ مَنْ قَطَعَكِ؟ قالت: بَلَى، قال فذلِكَ، ثم قال رسول اللَّه
صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: اقرءوا إِنْ شِئتُمْ : {فهَلِ عَسَيْتمْ
إِن تَولَّيتُم أَنْ تُفسِدُوا في الأَرْضِ وتُقطِّعُوا أَرْحامكُمْ
أُولَئِكَ الذين لَعنَهُم اللَّهُ فأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}
[محمد:22،23] متفقٌ عليه.
وفي رواية للبخاري: فقال اللَّه تعالى: "منْ وَصلَكِ، وَصلْتُهُ، ومنْ قَطَعكِ قطعتُهُ"
وعن عائشة قالت:قال رسول اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم: "الرَّحمُ
مَعَلَّقَةٌ بِالعَرْشِ تَقُولُ:مَنْ وصلني وَصَلَهُ اللَّه، وَمَن
قَطَعَني، قَطَعَهُ اللَّه" متفقٌ عليه
وعن أبي محمد جُبيْرِ بنِ مُطعِمٍ رضي اللَّه عنه أَن رسولَ اللَّه صَلّى
اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم قال: "لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ قَاطِعٌ" قال سفيان
في روايته: يعْني: قاطِع رحِم. متفقٌ عليه.
فهذه ثلة من أحاديث خير البرية ارتأيت أن أضعها بين أيديكم عسى أن تجد طريقا إلى القلوب التي تناست هذا الأمر العظيم
وارجوا من كل مسلم قرأ هذه الأسطر أن يأخذ ورقة وقلما ويسجل فيه كل أرحامه
وخاصة من انقطعت بينهم هذه الصلة فليصلحها ولو عن طريق الهاتف ولندع
الخلافات جانبا ولنتبع امر ربنا وسنت نبينا صلى الله عليه وسلم.
وأعظم فرصة لتحقيق ذلك هي أيام العيد المبارك الذي يدخل على هذه الأمة بالخير والبركة .
فاعملوه بوصية نبيكم ولا تخالفوا أمره لعل الله يرحمنا برحمته ويفرج هموم هذه الأمة آمين .